هتافات النصر لمن ؟؟
مما لاشك فيه أن المنتصر لابد له من أن يشعر بزهو النصر وحلاوته والغلبة وهو شعور جُبِلَ الإنسان عليه مهما أراد إخفاءه وعدم إظهاره عيانا لكون أن النفس البشرية تسعى دوماً إلى الكمال الإنساني وتتهرب من النقص، فمتى كان هناك موطن من مواطن الكمال قد وصلت إليه إلا وشعرت تلك النفس بذلك الشعور والفرح والغامر، وهذا الشعور لا غرابة فيه ولا إشكال.
الغريب في الموضوع إننا نجد اليوم ونحن نعيش زمن المواجهة العلنية والمصيرية في الوقت نفسه مع أعداء الإسلام والإنسانية، الذين باتوا خطراً حقيقياً يهدد مصير الأمة أجمعها بل حتى تلك الصورة الناصعة التي رسمها الخاتم "صلى الله عليه وآله" لدين الله بدأت تتحول إلى وحش لا يعرف إلا لغة الدم وقطع الرؤوس في انظار الكثير من غير المسلمين، مما دفع بمرجعيتنا الرشيدة المتمثلة بأية الله العظمى سماحة السيد السيستاني "أدام الله بقاءه" بإصدار فتوى الجهاد الكفائي والحث عليه لكافة أطياف شعبنا رغم إننا قد مررنا من قبل بظروف صعبة وحرجة جداً لكن المرجعية اتخذت جانب التهدئة والإصلاح وتقريب وجهات النظر ولم تتحرك كما هي عليه اليوم بإصدار فتوى الجهاد، أرجع وأقول إن الغرابة في الأمر ورغم كل هذه المخاطر فان ثوران النفس وهياج المشاعر قد بدأ يخبت شيئاً فشيئاً ولم نعد نسمع بأخبار الحشد الشعبي إلا على نطاق ضيق بعد أن كان كأمواج البحر الهائج ولا يزال العدو موجودا ومتربصاً بنا كل مغنم، نعم والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه ما زالت الأناشيد الحماسية على حالها يصدح صوتها في الأماكن والشاشات، بل حتى أناشيد النصر وشد الهمم حتى بات يتحول بعضها إلى اغاني راقصة الهدف منها هو الترويح عن النفس وتحريك للأجسام ( لا بنية الرقص ولكن بنية الهتافات والهوسات) التي ما انزل الله بها من سلطان، اليوم نعيش في زمن الهتافات فقط من دون أفعال أوقل أفعال لا تتناسب مع حجم الأقوال، لا أعرف إن واجهنا واحدة من تلك المحن الشديدة لا سمح الله هل سنواجهها بهتافات وأهازيج فارغة راقصة؟ ثم أن تلك الكلمات تصف النصر والشجاعة والانتصارات ولكن الحقيقة لا نصر ولا منتصرعلى أرض الواقع ما دام هناك عدو موجود يقبع على أنفاس مدننا، لا شك إن هناك دماء تسيل وأطفال تقتل وعوائل لا ماؤى لها إلا السماء والأرض ولا تمتلك إلا الدعاء، مع هذا كله هتافات النصر تعلو في الأفاق والأغاني تملأ آذاننا، لا نملك إلا أن نقول ربنا أغفر لنا إسرافنا في أنفسنا والله المستعان.