لا تنشر غسيل الآخرين
من الأمراض الأخلاقية الكبيرة التي يصاب بها بعض الناس تتبع عيوب وأخطاء الآخرين, ومتابعته لبعض النقائص لدى الأشخاص الذين يرتبط وإياهم في الحياة العملية وربما تتعدى إلى سائر الناس، ويبذل قصارى جهوده في استقصاء عيوب من حوله, وهذا الداء بنيَ في شخصيته، فلا تستريح نفسه إلاّ بتتبع عورات وعثرات وعيوب الآخرين، بمعنى آخر يُذيع عيوب الناس (ويقرع الطبول) ويسعى إلى نشرها في المجتمع, وفي وقت قد تصبح أمراً طبيعياً واعتيادياً، فلا يتأثر مقترف ذلك الخطأ من ارتكابه مرة تلو الأخرى مادام أنه فشا واشتهر بين الناس، مما يزيده تمادياً في مواصلة سلوكه الخاطئ, بعد ما أصبح جزء من شخصيته, ولا يفسح المجال لاستئصاله في بعض الأحيان يصعب عليه الرجوع إلى الاستقامة .
فينبغي على الإنسان أن يتجنب خطر هذا الداء وديننا الإسلامي يعالج هذا العيوب والأمراض التي يصاب بها بعض الناس من خلال أمور(وعوامل) كثيرة من أهمها, إنّ التفات الإنسان إلى عيوب نفسه واشتغاله بها يحجزه عن الاشتغال بعيوب الآخرين، فإذا التفت الإنسان إلى عيوب نفسه وبدأ بإصلاحها شيء فشيء فإنه سارعلى الطريق المستقيم، في حين إذا وجّه قواه إلى عيوب الآخرين استشرت تلك العيوب والنقائص في ذاته، وتجذرت في شخصيته بل يصعب عليه اقتلاعها، لذا عالجت الأحاديث الروايات هذا الداء أبلغ علاج!، فلنفت انتباه من وقع في خضيضه وأصيب به إلى ما ينبغي فعله، فقال نبينا المصطفى (صلى الله عليه وآله): )كفى بالمرء عيباً أن ينظر من الناس إلى ما يعمى عنه من نفسه ويُعير الناس بما لا يستطيع تركه، ويؤذي جليسه بما لا يعنيه).
حقيقتاً إن أعظم الذنوب التي يقترفها الإنسان في حق نفسه أن يتجاهل عيوبه، ويقوم بتزكية نفسه، وعدم التفاته إلى النقائص في شخصيته، مما تؤدي بهلاكه، وحث أمير المؤمنين(عليه السلام) في قوله :( إنْ سمت همتك إلى إصلاح الناس فابدأ بنفسك فإنّ تعاطيك إصلاح غيرك وأنت فاسد أكبر العيب), فالنية السليمة أن تبدأ بنفسك, والإنسان الأفضل والأحسن والأكمل هو الذي يتشاغل بعيوبه، ويحاول جاداً في إصلاحها (إذا رأيتم العبد متفقداً لذنوب الناس ناسياً لذنوبه فاعلموا أنه قد مُكر به) فحذارِ أن تعيب بعيبٍ لدى الناس مع كونه موجوداً في شخصيتك وحذارِ أن تبدأ بذكر ذلك العيب والتبحر في صغائره فتكون كالمجهر المكبر لتلك الصغائر وأنت تعلم باتصافك بمعايب اكبر، فيقول رسولنا الأكرم(صلى الله عليه وآله): (احمل أخاك على سبعين محملاً حسناً), فيجب أن تكون لدينا الجراءة في انتقاد ذاتنا وأنفسنا قبل أن نغتاب الآخرين.
يجب أن يلتفت الإنسان إلى محاسن الآخرين وصفاتهم الجميلة وتنمية طاقاتهم وقدراتهم وتشجيع الجانب الإيجابي لديهم وتفعيل عمل الخير والعطاء فيهم و من خلال ذلك استطعنا أن نتخطى خطوات لتحقيق مرضاة الله .